الأربعاء، 8 يناير 2014

الذين راهنوا على انهيار منطقة اليورو شعروا بخيبة الأمل


فارس شنب
رالف أتكينز من لندن
قبل عام كانت منطقة اليورو متجهة بسرعة كبيرة نحو حافة الهاوية. وكانت هناك مخاوف شائعة حول تفكك الاتحاد النقدي الأوروبي. وارتفعت تكاليف الاقتراض الرسمية الإسبانية والإيطالية واليونانية. واستبعد ماريو دراجي، الرئيس الجديد آنئذ للبنك المركزي الأوروبي، القيام بدور مقرض الملاذ الأخير للحكومات.
لكن الذين راهنوا على انهيار منطقة اليورو شعروا بخيبة الأمل. والحقيقة هي أن منطقة اليورو لا تزال على قيد الحياة (بشكل معقول) في نهاية عام 2012، ولا تزال عضويتها التي تضم 17 بلدا متماسكة بقوة، ما يظهر مدى خطأ قراءة جهابذة الولايات المتحدة وبريطانيا على وجه الخصوص، للسياسة الأوروبية.
بين أولئك الذين أساءوا فهم الأمور، ظهر في الأسبوع الماضي، جون بولسون، الذي حقق مليارات الدولارات بالرهان على انهيار الولايات المتحدة ماليا، لكن قاربه أبحر إلى وجهة خطأ فيما يخص عيوب منطقة اليورو الهيكلية.
ورؤية عديد من الانزلاقات جلبت حالة من عدم الارتياح في البنك المركزي الأوروبي، على الأقل كما تبين من خطاب ألقاه في فرانكفورت أخيرا يورج آسموسين، المسؤول الألماني السابق في وزارة المالية، والعضو في المجلس التنفيذي للبنك (للأسف الخطاب متاح فقط باللغة الألمانية، لغة التشفي والشماتة).
استعاد آسموسين إلى الذاكرة الثقة المذهلة التي كان يُنظر بها إلى هلاك اليورو المقبل. ففي أوائل كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، حذّر شارون باولز، رئيس لجنة الشؤون الاقتصادية في البرلمان الأوروبي، قائلاً: ''نحن نواجه احتمال زوال اليورو بحلول عيد الميلاد''. والأكثر كارثية، كما قال آسموسين: إن صحافيين في المملكة المتحدة هم من توقعوا انفجار أعمال شغب في جميع أنحاء أوروبا.
وأول رد فعل على تعليقات آسموسين هو أنه تحدث متأخرا جدا. وربما كان توقيت بولسون وغيره خاطئا ببساطة. فالاقتصادات الأوروبية والنظم السياسية تتحرك بسرعات أبطأ من التداول، أو دورات الاستثمار في لندن أو نيويورك. وأزمة منطقة اليورو تتفاعل بحركة بطيئة، لكن المخاطر الكامنة متعددة: رد الفعل هذا الأسبوع في العواصم الأوروبية والأسواق المالية إزاء احتمال عودة السلطة إلى سيلفيو برلسكوني، رئيس وزراء إيطاليا السابق، فاقم المزاج الهش.
لكن كما قال آسموسين، عديد من المعلقين اتخذوا نظرة تبسيطية جداً حول أزمة منطقة اليورو وتغاضوا عن كون الاتحاد النقدي الأوروبي، البالغ من العمر 14 عاماً، ليس مجرد كيان اقتصادي، ولكن له بعدٌ سياسي عميق. فلا يمكن اختزال محنة اليونان، كما قال، في مجرد ''بيانات رئيسية عن الاقتصاد الكلي، مثل العجز، أو مستوى الديون وتوقعات النمو''.
كان من الممكن أن يذهب بعيداً لاستكشاف كيف أن عضوية الاتحاد الأوروبي هي حصن للاستقرار الاقتصادي والسياسي لليونانيين العاديين، وكثير منهم يمكن أن يتذكروا الحياة في ظل الديكتاتورية العسكرية.
ويجد مديرو صناديق التحوط أن من الصعب فهم الـ ''أوردنيوجسبوليتك'' في ألمانيا. لكن فطرة برلين المتجهة نحو القواعد المستندة إلى الأنظمة وازدراء ''البراجماتية'' الأنجلوسكسونية تساعد على تفسير عدم الرغبة في التنازل، حتى يحدث ذلك.
في الوقت نفسه تغاضى الغرباء عن المدى الذي يرى عنده الألمان التكامل الاقتصادي الأوروبي باعتباره جزءا من مصير بلادهم بعد الحرب العالمية الثانية. ومع طي عام 2012 أيامه الأخيرة، أصبح واضحاً بالنسبة للمستشارة أنجيلا ميركل، وفولفجانج شويبله، وزير ماليتها، أن تكلفة الخروج اليونانية مرتفعة جداً.
وقبل كل شيء، أولئك الذين توقعوا في العام الماضي انهيارا مبكرا لمنطقة اليورو استهانوا بالبنك المركزي الأوروبي، وكان ذلك خطأ من السهل الوقوع فيه.
وبعد أن أصبح رئيسا للبنك المركزي الأوروبي في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، سُئِل دراجي عما إذا كان بمقدوره فعل كل ما يلزم للحفاظ على منطقة اليورو في قطعة واحدة، بما في ذلك التصرف كمقرض الملاذ الأخير للحكومات؟ وكان جوابه ''لا'' بوضوح. وقال: ''اختصاص البنك المركزي الأوروبي هو الحفاظ على استقرار الأسعار على المدى المتوسط''.
وبحلول تموز (يوليو) هذا العام، لم يعد هذا الموقف مستداما، حين تعهد دراجي بالقيام ''بكل ما يلزم'' للحفاظ على سلامة الاتحاد النقدي. ويقف البنك المركزي الأوروبي الآن متأهبا للتدخل على نطاق غير محدود في أسواق السندات الحكومية، إذا لزم الأمر، للحفاظ على سلامة منطقة اليورو.
إذن، ما التوقعات المحتملة بعد ذلك في 2013؟ خشية من خطر استشهاد آسموسين في مثل هذا الوقت من العام المقبل، من المرجح أن يكون عام 2013 مشحونا. فلا يزال الوضع المالي لليونان هشا للغاية. وإسبانيا تواجه مجموعة من التحديات. والانتخابات في إيطاليا وألمانيا يمكن أن تشتت السياسيين. وخطوات تعزيز منطقة اليورو من خلال اتحاد مصرفي ومالي ويمكن أن تخرج عن مسارها. وليس من الواضح أن اقتصادات منطقة اليورو يمكن أن تخلق النمو اللازم لخفض معدلات البطالة المتفاقمة - وتفادي الاضطرابات الاجتماعية، أو تصاعد الشكوك حول اليورو.
لكن هذا المراسل يتوقع في غضون 12 شهرا أن تكون منطقة اليورو محتفظة بـ 17 عضواً، بما في ذلك اليونان.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يرجى التكرم بكتابة الاسم قبل التعليقات ومن اي البلاد